Friday 6 July 2012

الدراسات الاجتماعية القانونية والتعددية القانونية - جميل سالم

طالما نظر المحامون وفقهاء القانون في الجامعات الغربية إلى القانون باعتباره مهارة فنية بسيطة تهيئ الطلبة وتجهزهم لتقلُّد مناصب وظيفية في المحاكم، ولا سيما كمحامين وقضاة.ولا يعترف سوى قلة من الباحثين بقدرة حقل القانون على الإسهام في العلوم الاجتماعية والإدلاء بدلوه فيها. ففي عدد من كليات الحقوق في الجامعات الأوروبية، مثلاً، لم تنطلق بواكير المبادرات التي عُنيت بإعداد الأبحاث القانونية المتعددة التخصصات والمعارف إلا في العقد السادس من القرن الماضي، وهو ما يمثل تطورًا تدخلت فيه ذاكرة التاريخ الكولونيالي التي وسمت الأقطار الأوروبية وأخذ بيد فقهاء القانون فيها لإدراك مدى تعقيد المؤسسات التي تتولى صياغة القواعد القانونية ووضْعها وتحديد الممارسات التي تنتهجها.

تبني الدراسات الاجتماعية القانونية فرضيتها على أساس جملة من النظريات، كانت إحداها نظرية التعددية القانونية. ومما لا شك فيه أن النجاح الذي حققته هذه النظرية في منتصف القرن العشرين في أوساط علماء الأنثروبولوجيا الذين تخصصوا في دراسة القانون يُعزى إلى ردة الفعل التي أبداها الباحثون المعنيون تجاه نظرية مركزية القانون التي استحوذت على الجامعات وعلى غيرها من المؤسسات الأكاديمية في الغرب وكانت حكرًا عليها في ذلك الوقت. ومع ذلك، تلاشى التأثير الغالب الذي أفرزته نظرية انفراد القانون في أوساط فقهائه بعدما لاحظ الباحثون، الذين درسوا مجتمعات أفريقيا وآسيا، التناقض القائم بين الأنظمة القانونية المركزية المستوردة والتنظيم القائم على أساس تعددي الذي اصطبغت به المجتمعات التي خضعت للاستعمار. وفي أوروبا، ولا سيما في الأنظمة السياسية الموحدة ذاتها، لم يَمضِ وقت طويل حتى اضطُّر الفقهاء إلى الاعتراف بصلاحية الملاحظات التجريبية التي جرى التوصل إليها في الخارج، بحيث باتوا يشددون بعد ذلك على واقع أن مجتمعاتهم تحكمها أنظمة قانونية متعددة أيضًا.

Bethlehem

Bethlehem